اقتباساً من كتاب The 12 Bad Habits That Hold Good People Back للمؤلفين جيمس والدرووب وتيموثي بتلر الذين قصدا من خلاله بث الفائدة المكتسبة من خبرتهما الواسعة في مجال تطوير الأعمال عبر وضع طرق حديثة للتشجيع والتحفيز الذاتي وتجاوز المشكلات النفسية التي تعيق التطوير والتقدم للأشخاص العاديين، حيث ضم الكتاب 12 عادة سيئة لها أن تعيق التقدم والوصول للأهداف، تلك العادات هي:
1) عقدة النقص والشعور بأنك غير جدير بالأفضل:
إن من أسوء الأعداء الذي يمكن أن تجابههم يوما هي نفسك، حين ينبع صوت من داخلك يردد عليك أنك أقل ممن هو أمامك وأدنى شأن من الآخرين، كونهم يمتلكون معرفة أكثر من معرفتك يستطيعون من خلالها تنفيذ ما هو مطلوب، هذا الإحساس يشل اركانك ويمنعك من التفكير بإيجابية أو التقدم للأمام ويجعلك مندفع دائماً في الدفاع دون تفكير أو تمعن.
2) التطرف ورؤية العالم من منطلق ناجح أو فاشل فقط:
ضمن وتيرة الحياة وبالتقييم المنطقي لا يوجد أي شيء مطلق الكمال 100% أو مطلق النقص 100%، وهذه هي النقطة التي لا يعيها الإنسان ليدرك أنها بلا حل، وأن عليه استيعابها كما هي، حيث إن هناك تدرجات لا حصر لها، ولا يمكنك ممارسة عملك من منطلق إما أبيض أو اسود، ناجح أو فاشل، صواب أو خطأ. ليس ذلك فحسب بل أن قواعد الصحة قد تتغير مع الوقت وما تراه اليوم أقرب للصحة قد تكتشف غداً إنه على العكس تماماً.
وحين ترفض هذا المنطق فأنت تخالف الطبيعة وبالتالي ستنهكك الحياة، عليك أن تعي أن اللون الرمادي هو اللون السائد، ولكن ما الدرجة اللونية من الرمادي؟ وهي تزيد أم تقل؟ لا تتطرف في هذه التفاصيل الضمنية فيتشدد عليك من هم حولك، كن أكثر مرونة واستعداد لتغيير رأيك واترك لنفسك خط عودة، ولا تكن متزمتاً عنيداً، هناك أمور عديدة عليك التفاوض عليها، وهناك امور قلة لا رأيين فيها، كيف تعرف ذلك ! هذه هي مهمتك أنت، لكن تقبل اللون الرمادي بكافة درجاته.
3) المبالغة في الفعل:
هل سبق ومرت بك أوقات وجدت نفسك فيها مندفع في عمل معين دون مشاركة الآخرين لك؟ هل سبق ووجدت نفسك شمعة تحترق دون أن يأبه من هم حولك بذلك ودون مد يد العون منهم لمساعدتك؟ هل تلتزم بالمشاركة في عدد كبير من المشاريع في وقت واحد ما يجعلك تشعر بطحن الضغط من هذه الالتزامات وعدم اتساع ساعات يومك للقيام بها؟ هل راودك شعور أنه ليس بوسعك إنجاز أمر ما على الوجه الأكمل الذي يرضيك؟ هل شعرت أن باستطاعتك أداء الأمور بطريقة أفضل مما أديتها لكنك لا تستطيع الوصول لمرحلة الرضا عما فعلته الآن؟
كل تلك العلامات علامات داء البطل سوبر الذي يقتص كامل وقته ليهبه للآخرين، وغالباً ما يزيد هذا الشخص من جو التوتر النفسي للأخرين بسبب ما يقوم به، ما يجعله شخصية مبغوضة في بيئة العمل، حيث لا يجد تعاوناً من أقرانه، كما لا يعطي أياً من صلاحياته ولا يثق بغيره، ليكون في النهاية شخصية متسلطة غير مرغوبة، لا يجد من نفسه الرضا ولا من بيئته المحيطة.
إذا كانت اياً من تلك الصفات فيك فتحرر منها واخرج من إطارها، عود نفسك على الثقة في الأشخاص ودرب نفسك على تفويض بعض من صلاحياتك لفريقك بالعمل، وأستوعب أن البشر أبناء نقص، تقبل نقصهم على أنها طبيعية بشرية وشجع اجتهاداتهم فلسنا ملائكة معصومين ولا أبطال سوبر.
4) الابتعاد عن الصراعات وتجنبها بأي ثمن:
يميل بعض الناس للابتعاد عن أي صراع مع أي شخص، بل قد يتدخل هذا الشخص لمنع أي شخص من مواجهة الآخر. والصراع المقصود هنا هو النقاش بتبادل الآراء المختلفة لتوضيح الأخطاء بأسلوب راقي، ذلك لأن هذه طبيعة البشر وقد خلقنا الله مختلفين وسنظل كذلك.
عدد من المواقف في الحياة قد تجبرنا على أن نكون مخالفين في الرأي لنقف معارضين لمن هم حولنا وندافع عن آرائنا ومعتقداتنا، فمحاولة كسب رضا كل من هم حولنا معركة نحن أول الخاسرين فيها، مهما اجتهدنا سنختلف حتى مع أقرب الناس لنا فهذه طبيعة لا يمكن الفرار منها، ففي بيئة العمل لا بد أن يختلف أعضاء الفريق الواحد، والرئيس مع المرؤوس، ولكن الشخص الذكي هو من يدير تلك الخلافات بشكل مفيد ومنتج دون تطاولات وتجاوزات شخصية.
إذا كنت تؤثر السلامة حتى إن كان ذلك على حساب نفسك وترتعب من الاختلافات فأنت تسلك طريق ستخسر فيه نفسك وشخصيتك لتتحول من شخص حر لعبد، ومن صاحب رأي إلى تابع، فلا تكن كذلك ولا تقبل به.
5) التعامل بهمجية مع المعارضين:
هل تجد نفسك ممن يّقدّرون ويقيمون من يوافقونهم الرأي على كل الأقوال والأفعال ويؤدون أوامرك؟ هل تجد ردت فعلك على من يعارضك حتى وإن كان اعتراضه على أمر بسيط هي محو أي جميل سابق له وتناسي مدى تمكنه وخبرته؟ هل تجد أنك إذا كنت ضمن فريق عمل وصادف حدوث اختلاف فكري مع أحد أعضاءه تتعمد أن يتراجع أداء الفريق رغبة في تدمير الشخص المختلف معه؟ إذا كنت كذلك فتوقف عن ذلك حالاً لأن الطريقة الصبيانية في التفكير لها أثرها السلبي على بيئة العمل. لا تبث روح الخصام والغضب، ولا تتيح المجال لأن يبدأ كل منهم في الرغبة بتدمير الآخرين.
هذه المشكلة علاجها يبدأ بأن تقدم الاعتذار لمن آذيته بتلك الأفعال، وأجبر نفسك على مناقشة سبب الخلاف، إبدي وجهة نظرك، احترم رأي الطرف الأخر وإصراره، وإذا وجدت نفسك على وشك الانفجار توقف حتى تهدأ من ثورة الغضب، اشرح وجهة نظرك بأسلوب راقي حضاري واستوعب حقيقة أن الأشخاص على اختلاف واتفاق دائماً.
6) الثورة بدون سبب ( لـ لا شيء):
الثورة الفكرية لها نتائجها الإيجابية وهي أمر مرغوب ومحبوب، كأن تثور على فكرة تقليدية وتأتي بأمر مستحدث لم يقدمه أحد من قبل رغم حاجة المجتمع له، أما ما يجب توخيه هو تحدي كل شيء لـ لا شيء، كالثورة والغضب لأنك تحب أن تثور، أي الغضب للغضب فقط. أنت بذلك تجتهد في تدمير نفسك ومن يجتهد في أمر سيحققه، أن تغضب بغير مبرر فهذا أمر مرفوض لن يقبله أحد، الثورة لأن تكون محط الأنظار ستجد نهايتها غير مرغوبة، ومن يفعل ذلك فهو يخدع نفسه ويكذب عليها. إذا تملكك هذا الإحساس (الغضب الغير مبرر) والرغبة في الثورة توقف وناقش نفسك وأعرف الأسباب الحقيقية ورائها لتعالجها وتكسب نصيبك الذي تستحق من الخير.
7) الرغبة في القفز من درجات سلم النجاح للأعلى حالاً:
من المؤكد أن الحرص على تحقيق النجاح والرغبة في تحقيق نجاح استثنائي غير مسبوق هو أمر محمود ومطلوب، الخلل يكمن في الرغبة الطاغية في تحقيقه بين عشيةٍ وضحاها، في طرفة عين، الرغبة في تحقيق أمر غير واقعي. تجد هذا الشخص لا يقبل النجاحات الصغيرة، يغامر بكل ما لديه دون أن يحسب حساب لشيء، متهور لا يوزن الأمور بمنطق. لذا عادة ما تجد أن الأمر انتهى به وقد خسر كل شيء. غالباً مثل هذا الشخص يواجه في الأصل ازمات نفسية عديدة دون أن يدركها ربما، فيأخذه الاندفاع رغبتاً في تخطي تلك المشكلات وعلاجها بالحصول على النجاح الكبير فجأة، وكسب الإعجاب والتقدير من المحيطين به، وهذه الأمور لا يمكن الحصول عليها بهذه الطريقة، بل إن هذه الرغبة تزيد من حجم المشكلة، سواء إذا تأخر النجاح أو إذا تحقق دون أن يعالج الأسباب الأصلية التي دفعته للبحث عن ذلك.
8) سيطرة الخوف عليك وتسيره لك:
من المعروف أن الخوف طبيعة بشرية غرزها الله فينا لحكمة، وما يجب هو أن يكون دور هذا الخوف ثانوياً لا أساسياً، هو فقط ينبهنا لاحتمال وقوع الخطر ويبقى التصرف لعقلنا الذي يقيس درجة الخطر ويعمل على أساسها. حين تخاف من التغيير دون أن ترى إذا كان هذا التغيير للأفضل ام لا، أو خوفك من تنفيذ وظائف إضافية بجانب ما تتقنه، حين تتوقع دائماً أسوء النتائج، حين يلازمك الخوف من كل شيء لا لشيء إلا للخوف فقط، فأنت تدمر نفسك بنفسك، وسيكون لك تأثير سيئ جداً على أي مؤسسة أو شركة أو فريق عمل، ما قد يدفعهم للتخلي عنك.
من يرغب في علاج هذا العيب فعليه أن يقف مع نفسه ليفهم الأسباب الكامنة خلف هذا الخوف، ويبدأ بعلاجها، يقتحم خوفه، يواجه، يخاطر، يغامر ويتحدى هذا الخوف حتى يتضح له من تجارب واقعية يؤمن بها أن الخوف لا يصدق دائماً، وحتى العواقب من هذا الاقتحام ستكون إيجابية، كل ما يجب هو عدم التخلي عن الحذر بالدرجة المنطقية المعقولة.
9) إغفال العواطف وتجاهلها:
بلا حياة أو مشاعر من لا يجيد قراءة عاطفة الآخرين وإظهار عواطفه، هو لا يتعاطف مع الأخرين وهم بالمقابل لا يتفاعلوا معه، لا يحزن ولا يفرح ولا يبدي أي اهتمام. مثل هذا الشخص لا يجيد قراءة المواقف الاجتماعية للتعامل معها بطريقة ناجحة، ما يجعله في فريقه غير مقبول، يعمل وحيداً بسبب كبته لمشاعره وعدم تفاعله، سواء كان ذلك برغبة منه أو لا.
علاج هذا العيب يكمن في إقناع صاحبها أن عدم تفاعله اجتماعياً مع بيئته سيتركه وحيداً وهو أمر لن يساعده على صنع أي نجاح يطمح له على أي مستوى.
هناك عدد من الكتب التي قدمت طرق ذهبية في كسب المعارف والأصحاب، وجميع تلك الكتب تؤكد على أهمية الاستماع للآخرين ومحاولة مساعدتهم بعد معرفة شكواهم، بالإضافة إلى إمكانية صاحب المشكلة في التدرب على نقل مشاعره والتعبير عنها بطريقة رائعة، قد يكون ذلك مجهداً في البداية لكنه سيصبح سهل جداً ومعتاد.
10) عدم الرضا عن الدرجة في السلم الوظيفي بشكل كافِ:
قد تصادف اشخاصاً مؤهلين بدرجة كبيرة ليكونوا في مناصب أعلى من مناصبهم الحالية، لكنهم رغم جدارتهم لا يصلون إلى ما يطمحوا له من ترقية وظيفية، هؤلاء الأشخاص يصابوا بالملل السريع، لا يمكنهم الانتظار أو الصبر، تجدهم متنقلين دائماً بين وظيفة وأخرى. مشكلتهم أنهم لا يستمرون بمكان واحد لوقت كافِ يجعل من الترقية والصعود أمر مُستحق لهم، ما يجعلهم يقضون حياتهم متنقلين بين هنا وهناك فاقدين الاستقرار والترقية.
وبالمقابل تجد آخرين باحثين بشكل مُلح عن ترقية سريعة، على الرغم من عدم خبرتهم الكافية التي تجعل منهم اشخاص مؤهلين لذلك، لتجدهم هم الآخرين غير مستقرين، منتقلين من مكان لآخر باحثين عن ما يريدون. لم يعوا بعد أن قائد الفريق يبدأ أولاً كعضو عادي ضمن فريقه ليتعلم بشكل ممتاز كل صغيرة وكبيرة حتى إذا ما أتى الوقت الذي يكون فيه هو القائد يكون قادراً على أداء دوره بسهولة وبأقل قدر من الأخطاء، فالتعلم والحصول على الخبرة أمر يعتمد على الوقت، ولا حل أخر سوى الصبر لكسب الخبرة والمعرفة المؤهلة للحصول على أماكن أعلى وأكبر.
11) عدم معرفة ما يجب قوله وما يجب المحافظة عليه:
من لا يستوعب ويفهم ما يجب عليه أن يقول، وما يجب أن لا يقول، فهذا خطر حقيقي يسير على قدمين. من يثرثر بكل ما يمر على سمعه وما يخطر على قلبه، لا يعرف معنى اسرار العمل والزملاء والأصحاب، فهذا شخص مبغوض تماماً في أي بيئة يقيم فيها، وما يزيد الطين بله هو أن هذا الشخص ينشر تفاصيل تتفق مع تفسيره هو وحده، هذا الشخص لا يمكن أن ينتمي لمشروع قيد التطوير أو التفاوض، لا يمتلك الحس الذاتي الذي يرسم له ما يمكن أن يثرثر به وما لا يمكن قوله أو التلميح به حتى.
وقبل إبداء رأيك لنفسك الآن في ما إذا كان هذا العيب فيك أم لا، اسأل نفسك بعد مراقبة أحاديث الزملاء والمسؤولين في العمل، هل يمزحون مثلك؟ هل يبدون اسرارهم لك؟ هل تعرف منهم قبل غيرهم؟ إذا لا فأنت تعاني من هذه العيب.
ادرس كافة جوانبك جيداً واستشر اشخاص موضع ثقه وخذ برأيهم، والأفضل لك دائماً ألا تقول إلا ما تضطر لقوله، دون إفراط في الكلام.
12) فقدان خط السير والهدف:
إن من أكبر العيوب التي تصيب من بلغ مرحلة الثلاثين من العمر والأربعين هو عدم معرفة الطريق الذي يسير فيه، وسبب سيره عليه، لا يعرف نهاية هذا الطريق، ولا يعرف لماذا يجاهد ويعمل لماذا يتعب. حين تجد أنك منشغلاً بالمشكلات والعقبات التي تقابلك في طريقة فحتماً ستظل طريقك. أسال نفسك ما غايتك في الحياة؟ ما هدفك؟ هل ما تؤديه في كل يوم يقربك من هدفك؟
حتى الإنسان الذي كان له هدف معين ونجح فيه، ماذا بعد؟ هل ستتوقف وتنتظر الموت لأن دورك هنا انتهى؟ ام ستضع هدفاً تالياً؟. بالتأكيد ستجيب يجب أن يوضع الهدف التالي. إذا ما هو هذا الهدف؟ هل تعي أن هذا الهدف يجب أن يكون أكبر من السابق؟. هنا عليك التوقف لتنظر لحياتك من بعد وتقرر ما إذا كنت بلغت غايتك ام ماذا وهل ما تفعله الآن يقربك من تلك الغاية ام لا.