إنَّ رحلة الحياة طويلةٌ وشاقَّةٌ يحتاجُ فيها المسافر إلى ما يحفَظُه في سفَرِه وإلى ما يُعِينه على بُلوغ مَقصِده الآمِن الناعم، وصدَق مَن قال: إنَّ الناس في هذه الرحلة لا يتفاوَتون بالصُّوَر إنما بالهِمَم، والهمَّة هي التي تحثُّ المسافر على السَّير، ولا تجعَلُه ينسى في واحات الراحة والتزوُّد وجهتَه وغايتَه.
تعريف علو الهمة: الهمة هي الباعث على الفعل، وعرف بعضهم علو الهمة بأنه : استصغار ما دون النهاية من معالي الأمور، قال الشاعر مصوراً طموح المؤمن
إذا كنت في أمر مروم *** فلا تقنع بما دون النجوم
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى واصفاً الهمّة العالية: ((علو الهمّة ألا تقف (أي النفس) دون الله, ولا تتعوض عنه بشيء سواه, ولا ترضى بغيره بدلاً منه, ولا تبيع حظها من الله وقربه والأنس به والفرح والسرور والابتهاج به بشيء من الحظوظ الخسيسة الفانية. فالهمّة العالية على الهمم كالطائر العالي على الطيور,لا يرضى بمساقطهم, ولا تصل إليه الآفات التي تصل إليهم, فإن الهمّة كلما علت بعدت عن وصول الآفات إليها, وكلما نزلت قصدتها الآفات من كل مكان))
وأثنَى الله تعالى على أصحاب الهِمَم العالية من الأنبياء والمُرسَلين، وأوصَى نبيَّه بالاقتِداء بهم، فقال له: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) [الأحقاف: 35]. بعلو الهمة نصنع النجاح، كل إنسان يتوق للنجاح، ويحلم بتحقيق أحلامه؛ فالكثير غارق في هذه الأحلام وحلم التحقيق لها.
وما نيل المطالب بالتمني …… ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
ولعل ما يوصلنا لقمم النجاح هي الهمة العالية المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بصناعة النجاح، إذ أن من لا همة له؛ لا يمكن أن يحقق أي أمر، ولا يمكنه صناعة أي نوع من أنواع النجاح، فالهمة متى ما علت كان النجاح حليفها، ومتى قلت وخفتت الهمة بالدنو، كانت فساد وإفساد وخسارة.