محتوى الموضوع
تواصل معهم مباشرة بالضغط هنا
خطط تسويقية مركزة للحفاظ على عملائك
مستقاة من كتاب
The Power of Habit: Why we do what we do
دخل رجل مكتظ بالغضب لمحل Target الأمريكي، وطلب مقابلة المدير، ولما التقى به سأله بسخط: كيف تبعث محلات تارجت (النسخة الأمريكية من محلات كارفور وباندا وجيان) لابنتي التي لم تزال بالمرحلة الثانوية إعلانات عن منتجات مرتبطة بالمواليد؟ هل تشجعون الصغيرات على الحمل؟، راجع المدير الرسالة البريدية، فوجد نقد الرجل سليماً، الخطط التسويقية هنا لم تختر فئة مستهدفة مناسبة، حيث كان المظروف زاخر بالمنتجات المعلنة الخاصة بالنساء الحوامل، وتحتوي على صور لمواليد ينظرون لأمهاتهم، فلم يكن منه إلا الاعتذار للرجل بشدة. وبعد بضعة أيام، عاد نفس الرجل بالتواصل مع المدير والاعتذار له، إذ اتضح له أن ابنته بالفعل حامل وقد أوشكت على الوضع.
في هذا العصر، بلغت المنافسة أوجها حيث لم تدع مكان لأصحاب الفكر التقليدي المعتاد، وأصبح لزاماً على الشركات فهم عقول عملائهم الذين يرتادون متاجرهم للشراء، وكمثال: بعد مراقبة عدد كبير من عملاء متاجر بيع التجزئة (مثل كارفور)، أتضح بالملاحظة أن معظم العملاء حين يدخلون المتاجر يتجهون يميناً. وبالمزيد من الدقة أتضح أن العميل حين يدخل متجراً يكون على استعداد تام للشراء، حيث تكون مقاومته الشرائية منخفضة، ولهذا تجد معظم متاجر كارفور تتبع خطط تسويقية جيدة في ترتيب البضائع، حيث تجد قسم الكمبيوترات والتليفزيونات يميناً، ومعه الكاميرات والهواتف، وجميعها سلع غالية الثمن، ثم تبدأ بترتيب البضاعة الأقل سعراً ناحية اليسار.
فإذا كنت تعتقد أن تنسيق البضاعة في متاجر كارفور عشوائية فأنت مخطئ يا صديقي.
لاحظت كاميرات المراقبة ملامح العملاء فوجدت أن معظمهم ينتقون نصف مشترياتهم بناء على شعور داخلي أو كرد فعل حين يلاحظون وجود كل منتج على الرف، حتى العملاء الذين يدخلون مصطحبين قائمة المشتريات 50% من مشترياتهم لم تكن محددة بمنطق سليم، بل جاءت وليدة اللحظة، وذلك عند ملاحظتهم لوجود المنتج مرتب بشكل أنيق على الرف، فكان للخطط التسويقة هنا الفضل في ارتفاع نسبة المبيعات.
بالرغم من رغبة الكثير للتصرف بعقلانية ومنطق، إلا أنه ودون شعور منهم تظل تتحكم بهم عاداتهم. كما هو الحال مع العملاء المهتمين بالرشاقة إذا وجدوا الفاكهة في مدخل المتجر اشتروها حتى إذا ما وصلوا لنهاية المتجر اشتروا التشبيس أو ما من شأنه زيادة الوزن، لأنهم في البداية استشعروا الرضا الداخلي حيث اشتروا المنتج الصحي الملائم، وعليه لم يجدوا ما يمنع من شراء منتج غير صحي. كما أتضح في إحصائيات أخرى أن من يشترون زجاجات اللبن باستمرار سيشترونها أيضاً عند زيارتهم للمتجر مرة أخرى دون النظر للكمية التي سبق لهم شرائها وتخزينها دون استهلاكها، وذلك لأن العادة تغلب البشر.
وجدت كبرى الشركات، أنها إن أرادت الاستمرار في الربح، فعليها فهم عميلها بعمق لدرجة تفوق فهمه لنفسه ولعاداته، وذلك من خلال مراقبة سلوك كل عميل في معاملات بطاقات الفيزا المستخدمة في كل مرة يشتري فيها، وعن طريق تحليل بيانات بطاقات الخصم، مما يجعلها تحصل على معلومات أعمق عن عادات الشراء لكل عميل، فحين يشتري العميل الكورن فليكس ولا يشتري اللبن من نفس المتجر، فذلك يعني أن هذا العميل يشتري اللبن من متجر آخر، ومن باب المنافسة يجب ضمان إبقاء العميل لشراء كل ما يحتاجه منه. وكإحدى الخطط التسويقية ينبغي على هذا المتجر أن يبعث لهذا العميل كوبونات تخفيض على منتجات اللبن، حتى يعتاد على شراءه من هذا المتجر ويترك المنافس الآخر.
ان مثل هذه الخطط التسويقية الاحترافية ليست أمراً سهلاً، وإنما تحتاج قوة حوسبية جبارة، والأهم منها أذهان رياضية تهوى الأرقام وجمع الإحصائيات، ووضع مقارنات توضح للشركة طريقة تفكير وسلوك وعادات العملاء. هذه الأذهان جهزت برامج تحلل مشتريات كل عميل يرتاد المتجر على مر عدد من السنين، لمعرفة مواعيد الشراء لكل عميل. لكن حتى بعد معرفة كل هذا استنتج علماء الرياضيات أن عادات الشراء تتغير بشكل مفاجئ، وبالمزيد من البحوث الدقيقة، اكتشف هواة الأرقام أن العملاء تتغير عاداتهم حين يطرأ عليهم تغيير ما في حياتهم كزواج أو طلاق، فقدان قريب، خسارة وظيفية أو الحصول على ترقية، انتقال لبيت جديد أو توقع مولود.
إذاً كتلك البرامج والبحوث سابقة الذكر وفيما سيأتي تعين على وضع خطط تسويقية ملائمة مبنية على المعلومات المستنتجة.
أما بالنسبة لأقوى ما توصلت إليه دراسات مراقبة السلوك والعادات الشرائية للعملاء، فهو أن حمل المرأة يجعلها وزوجها يكونا معاً في حالة مزاجية منفتحة للشراء. ووجد بحث أُجري في عام 2010 أن متوسط نفقة العائلة الأمريكية المنتظرة لمولود جديد يبلغ 6800 دولار على شراء منتجات له، وهذا في المرحلة التي تسبق الولادة.
الملاهي الترفيهية وشركة ديزني للأفلام، ثمنت مقدار صناعة المنتجات المخصصة للمواليد في أمريكا بمقدار 36.3 مليار دولار سنوياً، ولهذا ازدادت المنافسة بين الشركات الأمريكية على شراء معلومات السيدات الحوامل لتروج لهن كوبونات الخصومات الكبيرة والعينات ، وذلك كواحدة من الخطط التسويقية لتدخُل هذه العميلة المتجر وتشتري.
التنافس جعل الشركات تهتم بالتوصل للكشف عن أي نتائج تشير على أن أي امرأة ما حامل، حتى ولو احتفظت هي بذلك الامر سراً، وذلك عبر تحليل قرارات أي عميلة في الشراء. ولوضع خطط تسويقية ملائمة قامت محلات تارجت بعمل عرض لكل أم حامل أن تسجل بياناتها برغبتها في سجل خاص في متاجرها لتحصل على الخصومات الخاصة بمنتجات الحمل والأطفال، بعدها بدأ طاقم المحللين عملهم على البيانات، وبدأت النتائج تكشف عن عادات وأنماط متكررة.
تشتري المرأة الحامل الكثير من الكريمات عديمة الرائحة في الثلث الثاني من حملها، بينما في أول عشرين أسبوع من الحمل تزيد من شراء الفيتامينات، أما عند اقتراب الوضع تكثر من شراء الصابون عديم الرائحة وصابون تعقيم اليد، وقد استنتج العلماء أن 25 منتجا حين يتم شراؤهم بمستوى محدود، فهذا يدل بنسبة كبيرة على أن السيدة التي اشترت هي حامل، وقد أصبح بإمكان هؤلاء العلماء بذلك وضع نسبة تشير إلى مدى احتمال أن يكون المشتري حامل أو على صلة بامرأة حامل، وذلك من خلال تحليل نوع المشتريات عبر وضع هذه المعلومات في برامج كمبيوتر تحليلية للتعرف على مزاج العميل وما يمر به في حياته. الشركات الكبرى تقوم بذلك اليوم كوسيلة من وسائل حسن اختيار الخطط التسويقية المناسبة.
ينبغي أن تعرف مواعيد الشراء لدى عميلك، فتبعث له كوبونات التخفيض قبل حلول موعد شراءه بأيام قليلة، فحين لا يشتري منك عميل منتج ما وهو موجود، يجب عليك معرفة ماهو هذا الشيء، وأن تفهم لما لم يشتريه منك، ثم تستخدم خطط تسويقية تجذب عميلك، كتوفير المنتج بسعر منافس جداً، لتضمن بقاءه عميل لديك طوال حياته.
لا تلخص مما سبق أن الأمر تجسس على العملاء. لكن لتنجح، فأنت بحاجة لتحليل سلوك عملائك ليس بغرض التجسس عليهم، بل لتكون الخطط التسويقية المنتقاة ملائمة، ولعدم ترك الفرصة لمنافس آخر بسلب عملائك الذي عملت بجهد كي تحصل عليهم.
ومما سبق لا تُعد الأفكار المستخدمة لكسب العملاء تجسس عليهم بل لتنجح ولا تترك الفرصة لمنافس آخر بسلب عملائك الذي عملت بجهد لتحصل عليهم وحتى تكون الخطط التسويقية المنتقاة أكثر دقة وملائمة.